الصفحة الرئيسية  اقتصاد

اقتصاد شهادات غريبة من رحلة البحث عن «زيت الحاكم».. وساطات..حجز مسبق وبيع مشروط بالمشروبات الغازية..

نشر في  10 ديسمبر 2014  (10:28)

تتواصل أزمة فقدان الزيت المدعم أو ما يعرف ب»زيت الحاكم» في جميع أنحاء البلاد والتي انطلقت بوادرها منذ ما يزيد عن الشهرين. وإذ تشكو الأسواق التونسية نقصا حادا في تزويدها بهذه المادة، يتزايد سخط المواطنين الذين يجدون في الزيت النباتي المدعم ما يعوضهم عن زيت الزيتون الذي تراجع استهلاكه بسبب ارتفاع أسعاره محليا، وكثرة الطلب عليه في الأسواق العالمية.
أخبار «الجمهورية» رصدت بعض مواقف المواطنين من هذه الأزمة التي ترمي في مجملها إلى إلقاء اللوم على أصحاب محلات المواد الغذائية . كما زرنا بعض هذه المحلات من أجل معرفة أسباب هذا النقص المسجل في الزيت المدعم.

ووجه المستجوبون في هذه المساحة عديد التشكيات والتساؤلات حول أسباب فقدان الزيت المدعم الذي يعتبر مادة أساسية يستهلكونها بنسبة عالية نظرا لسعره الذي يتماشى مع المقدرة الشرائية للمواطن على خلاف الزيوت النباتية الاخرى التي تتّسم بإرتفاع أسعارها.
وفي هذا الصدد، إستنكرت ربة البيت ريم الطرابلسي (33 سنة) إستغلال أصحاب محلات المواد الغذائية لمثل هذه الأزمات كفرصة لتمرير كمّ هائل من مبيعاتهم بطرق ملتوية حسب وصفها. حيث ذكرت انها  توجهت الى احدى العطريات بجهة دوار هيشر في محاولة منها للحصول على لتر من الزيت المدعم، غير أنها فوجئت بالعطار يشترط عليها شراء قارورة مشروبات غازية من أجل تمكينها هذه المادة.
وعبرت «الهذبة» وهي في العقد الرابع من عمرها عن إستيائها الشديد لغلاء المعيشة أمام الظروف الإجتماعية المتدهورة التي تمر بها. فهي مطلقة وأم لثلاثة شبان أفقدتهم البطالة تفاؤلهم بالحياة، مشيرة إلى أنها تحاول منذ يومين الحصول على لتر أو حتى نصف لتر من زيت الحاكم حتى تتمكن من إحضار وجبة بسيطة لإبنها الذي يقضي عقوبة وراء القضبان . وختمت بنبرة حزينة «مسكين الزوالي استخسرو فيه حتى زيت الحاكم».  
ومن جهته، أشار الممرض المتقاعد البشير غنام (58 سنة) إلى أن التجاوزات المتعلقة بالإحتكار والتهريب والزيادات تعتبر من العوامل الرئيسية التي تقف وراء تفاقم أزمة نقص الزيت المدعم. وحمل محدثنا،في هذا السياق، المسؤولية خاصة إلى أصحاب المستودعات التي تشرف على عمليات التوزيع غير العادل لهذه المادة المدعمة المخصصة للمواطن المستهلك غير أنها مع الأسف يتم توجيهها إلى غير مستحقيها. وذكر أن إقتناء  مادة «زيت الحاكم» يتطلب هذه الايام عناء وجهدا كبيرين مؤكدا ان شراءها يستلزم تحديد موعد مع العطار.

رسالة الى الحكومة الجديدة

أما استاذة الاعلامية ثريا فذكرت أن الزيت المدعم يباع في هذه الفترة ب»الأكتاف والوجوه»، مشيرة الى أنها استغرقت حوالي 3 ساعات وهي تحاول اقتناء هذه المادة، غير أنها التجأت في آخر المطاف الى عطار بحيّ الاسكان وتمكنت من شراء الزيت. وفي ذات السياق،دعت الاستاذة الحكومة الجديدة الى ضرورة ايجاد حلول استعجالية للحدّ من أزمات الحاجة والزيادة التي أرهقت المواطن التونسي وخاصة «الزوالي» الذي ساهم في اندلاع شرارة الثورة ليكون ضحيتها.
ومن جهة اخرى، شدد أصحاب محلات المواد الغذائية على أن لا ذنب لهم في احتكار الزيت المدعم مثلما يعتقد المستهلك، فهم أيضا ضحايا هذه الأزمة بسبب ما يتعرضون اليه يوميا من تهجمات واتهامات من قبل المواطنين الذين يتزايد طلبهم للزيت المدعم الى حد اللهفة.

 النزل والمطاعم ومحلات الاكلات الخفيفة يحتكرون الزيت المدعم

وفي هذا السياق، حمل بلقاسم السويسي (عطار) المسؤولية الى مزودي الزيت المدعم الذين يحتكرون هذه المادة ويبيعونها مباشرة الى المطاعم وبائعي الفطائر والمخابز بأسعار تفوق السعر المقنّن للزيت النباتي الذي لا يتجاوز 900 مليم للتر الواحد، مشيرا الى أن الأزمة طالت أغلب المواد الأساسية. ودعا الى ضرورة تشديد الرقابة على الاستعمال الموازي بالمطاعم ومحلات الأكلات السريعة والنزل.
 ويعتقد العم سالم «صاحب محل للمواد الغذائية» أن الامكانات المادية لأصحاب المصانع لا تسمح لهم بمزيد تحمل كلفة تسويغ شاحنات لنقل الزيوت النباتية المدعمة لفائدة مراكز التعبئة، موضحا أنه من المفترض ان يكون الزيت المدعم بمنأى عن الزيادات المتعاقبة التي أرهقت كاهل المواطن.
اما السيد بن عمار صاحب مستودع للزيت المدعم ببن عروس فقد حذّر من عمليات التهريب التي زادت في تفاقم نقص الزيت النباتي المدعم، مشيرا الى أن هذه الأزمة سترافقها زيادة في سعر هذه المادة.


وزارة التجارة توضح

  من جهته أكد محمد العيفة المدير العام للمنافسة والأبحاث الاقتصادية بوزارة التجارة في تصريح له أنّه لا نية للوزارة في الترفيع في سعر الزيت الـمُدعم، مُضيفا أنّ أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية ستُحافظ على مستواها طيلة سنة 2014 وذلك التزاما بالقرار الذي اتخذته الحكومة بعدم الرفع في الأسعار.
 وبيّن أن الوزارة تعمل على تلبية كافة حاجات السوق بالكميات اللازمة، وقال إنّ وزارة التجارة تُزود السوق تقريبا بنحو 145 ألف طنّ سنويا في حين أن معدل الاستهلاك لا يتعدّى 110 ألف طن.
ومن جهته، توجه محمد علي الفرشيشي المكلف بالإعلام بوزارة التجارة في ظهور تلفزي برسالة يطمئن فيها المواطنين أن توزيع الزيت المدعّم المفقود منذ مدة في السوق سيعود الى نسقه الطبيعي خلال أسبوع، إثر الاتفاق مع أهل المهنة على مراجعة هامش الربح للمعلبين وأشار إلى أن سعر الزيت المدعم لن يشهد أي تغيير في هذه المدة.

 

إعداد: يثرب مشيري